لاشك أن الزواج هو أسمى الروابط الإنسانية التى سنتها الأديان السماوية وصدقت عليها الأعراف ونظمتها لتتفق مع الفطرة، وكغيره من أمور الحياة، لذا يحتاج الزواج إلى التدقيق والتفكير ووضع الأسس السليمة التى تستقيم بها هذه الشركة، حتى لا تشكل مصدر تعاسة أو ضرر لأطرافها.ومن هنا يكون الإهتمام أولاً بالاختيار المناسب الذى يتطلب مراعاة عدة نقاط: منها الدين والخلق والتكافؤ الاجتماعي، وعلى الرغم من أن الأبحاث توضح أن المتزوجين عادةً ما يتمتعون بصحة أفضل من العزاب، إلا أن عدداً من الدراسات أكدت أن الزواج غير الناجح قد يؤثر بشدة على صحة الإنسان.
وأشارت دراسة أمريكية حديثة إلى أن الطلاق والترمل قد يحدثان أثراً سلبياً، مباشراً وطويل المدى، على الصحة الجسدية والنفسية، وإن إعادة الزواج قد لا تجدي في تخفيف هذا الأثر المدمر.
وتأتي الدراسة كتأكيد لأبحاث سابقة بأن الزواج يعزز صحة لرجل، مؤكدة أن "أبغض الحلال" قد يؤدي لانتكاسات صحية، من الإصابة بأمراض القلب وحتى السرطان.
وأوضحت الباحثة ليندا ويت مدير "مركز الشيخوخة بمركز أبحاث الآراء القومي في جامعة شيكاغو"، أن المطلقين عرضة، وبنسبة 20 في المائة، أكثر للإصابة بأمراض مزمنة، كأمراض القلب والسكري والسرطان، عن الأشخاص المتزوجين.
وركزت الدراسة على قرابة 9 آلاف شخص تراوحت أعمارهم بين سن 51 و61 عاماً، ولم يقتصر التأثير عند الإصابة بالأمراض، بل القدرة على الحركة أيضاً، حيث وجد المطلقون صعوبة في الحركة - مثل تسلق الدرج أو المشي لمسافات قصيرة وبنسبة فاقت 23 في المائة أولئك المتزوجين.
ورغم ما يعرف من فوائد الزواج على الصحة، ويعتقد أن مبعث ذلك هو الإحساس بالاستقرار المالي والتأثير الإيجابي للزوجة بالإشراف على النمط الغذائي والمعيشي للزوج، أظهرت الدراسة الحديثة أن تلك "المآثر" لا تنطبق على "الجولة" الثانية أو الثالثة من الزواج.
وبينت التحليلات أن 12% من المتزوجين للمرة الثانية مازالوا عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، ويجد 19 في المائة منهم صعوبة في الحركة، مقارنة بمن استمرت زيجتهم الأولى.
وأكدت ويت إن العزاب ممن لم يتزوجوا مطلقاً اشتكوا من صعوبة الحركة، وبنسبة 12% أكثر من المتزوجين، وتزيد احتمالات الإصابة بالاكتئاب بواقع 13% من تلك الفئة والمتزوجين.
وأكدت العديد من الأبحاث الأخيرة أن الزواج يحسن النمط المعيشي بوسائل شتى، وأن العزاب أكثر عرضة للتوجه نحو الكحول والإسراف في تناولها، والموت بأمراض متصلة بالتدخين.
الزواج التعيس خطر على النساء
وقد أعلنت دراسة أمريكية أن النساء في منتصف العمر وليس الرجال أكثر عرضة للإصابة بالمشاكل الصحية المرتبطة بالتعاسة الزوجية، مثل ارتفاع ضغط الدم والدهون الزائدة حول البطن، وغيرها من العوامل التي تعزز مخاطر الأزمات القلبية والسكري.وأشار الدكتور نيسا جولدبيرج طبيب القلب ومدير برنامج صحة المرأة في جامعة نيويورك، إلى أن "العلاقة الزوجية السيئة لا تؤثر فقط على السعادة بل على صحة الأزواج أيضاً".
ووجد الباحثون أن العلاقات الزوجية التعيسة مضرة بالصحة، على الأقل بالنسبة للمرأة، إذ أن النساء في الزواج غير السعيد أكثر عرضة من غيرهن للاكتئاب، وأكثر استعدادا للإصابة بمتلازمة الأيض وهي مجموعة من عوامل خطرة ترفع ضغط الدم، وتتسبب في تدني مستويات الكوليسترول، والبدانة في البطن، وارتفاع نسبة السكر في الدم.
أوضحت نانسي هنري الباحثة في علم النفس الإكلينيكي بجامعة يوتا، أنه بالنسبة للرجال الذين يمرون بعلاقات زوجية تعيسة، لم نجد ما يربط تلك التعاسة بأمراض جسمية، ولكنها ارتبطت بأعراض اكتئاب فقط.
يذكر أن الغضب والشجار في الزيجات غير الناجحة يمكن أن يزيد من هرمونات التوتر، والتي ترتبط بمقاومة الأنسولين، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
التنازلات سبيل للزواج الناجح
أكد باحث من ولاية تكساس الأمريكية أن مفتاح الزواج السعيد والجيد هو تقديم الكثير من التنازلات.
وأشار البروفسور إدوارد مورجويا إلى حدوث تغييرات في العلاقات طويلة الأمد إذ بات الناس يعيشون معاً بدلاً من الزواج في حين أن النساء يعملن بدلاً من البقاء في المنزل، لكنه أوضح أنه على الرغم من التغييرات إلا أن بعض الأمور لا تزال ثابتة ومن بينها أهمية تبادل المجاملات.
وأوضح مورجويا على الأزواج قراءة أفكار رومانسية في الصحف والمجلات قبل يوم عيد العشاق، معتبراً أن "ثمة طرقاً جيدة للحفاظ على العلاقة حية حتى وإن كنتم متزوجين منذ فترة طويلة جداً".