حمل عام 2009 أخبارا طيبة لعرب ومسلمى أمريكا بعد ثمانى سنوات على هجمات 11 سبتمبر 2001 التى كان هؤلاء العرب والمسلمون أبرز ضحاياها. فقد قضت محكمة أمريكية الشهر الماضى بحق المواطن الأمريكى العربى الأصل عبدالله الكايد فى ملاحقة وزير العدل السابق جون آشكروفت، لاعتقاله بصورة غير قانونية بعد هجمات 11 سبتمبر.
وكان آشكروفت هو العقل المدبر وراء قانون الوطنية (قانون مكافحة الإرهاب) الأمريكى الذى سمح للمرة الأولى بحق الاشتباه واحتجاز مواطنين دون محاكمة سريعة.
وخلال شهر مارس هذا العام، شهدت واشنطن أكبر وجود فنى للفنانين العرب خارج حدود الوطن العربى، حيث احتفى مركز جون كيندى للفنون بالعاصمة الأمريكية بالثقافة والفنون العربية من خلال فاعليات مهرجان «أرابيسك» الذى استمر لمدة ثلاثة أسابيع
وكانت فكرة المهرجان قد ظهرت منذ عدة سنوات وكان المركز فى انتظار المناخ السياسى المناسب لإطلاقه، وأعلن المركز المضى قدما فى تنظيم المهرجان، وأعلن موعده ليكون 23 فبراير 2009 أيا كانت الظروف السياسية فى العالم فى هذا الحين.
من الجوانب التى يمكن اعتبارها من الآثار الإيجابية لأحداث سبتمبر على العرب الأمريكيين أنها أوجدت فرصا ومجالات عمل جديدة ومتزايدة لكل من هو ملم بالشئون واللغة العربية.
وبات الإعلان عن وجود وظيفة لمن يتقن العربية للعمل فى مؤسسات تعليمية أو أمنية أو عسكرية أو استخباراتية أو إعلامية أمرا شبه يومى فى مواقع التوظيف الإلكترونية أو الجرائد.
ويكفى أن تضغط فى موقع جوجل على حروف كلمة اللغة العربية أو العرب لتجد عشرات من إعلانات التوظيف يوميا.
وجاء إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، خلا شهر مارس الماضى أن إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، أسقطت مقولة: «الحرب على الإرهاب» من قاموسها كعلامة مهمة فى رؤية الإدارة الجديدة لعالم ما بعد 11 سبتمبر. وكان تعبير «الحرب على الإرهاب» هو أساس إستراتيجية إدارة جورج بوش لتبرير استخدام القوة العسكرية فى مهاجمة عدد من الدول، على رأسها أفغانستان والعراق، وشن حملة اعتقالات عشوائية واسعة داخل وخارج الولايات المتحدة.
إلا أن ذلك لا يمنع انشغال واشنطن، كما يحدث مع حلول ذكرى 11 سبتمبر كل عام، بتقييم البيئة الأمنية الداخلية والخارجية.
وذكر تقرير نشرته صحيفة يو إس إيه توداى أن روبرت موللر رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالى قد قضى السنوات الثمانى الأخيرة كلها تقريبا فى التركيز على محاربة تنظيم القاعدة. وذكر موللر «أن أسامة بن لادن قد خسر العديد من كوادر تنظيم القاعدة، إلا أن قيادة تنظيم القاعدة الجيدة مازالت قادرة على ضخ الحياة فى التنظيم».
وأكد موللر أن مكتب التحقيقات الفيدرالى ضاعف عدد أعضاء فرق مكافحة الإرهاب والأنشطة المخابراتية من 2514 شخصا منذ عدة سنوات إلى 5419 شخصا الآن، كذلك تم زيادة خبراء تحليل المعلومات المتعلقة بالإرهاب من 1023 شخصا إلى 2511.
وأشار موللر إلى استمرار وجود أخطار إرهابية تهدد أمن الولايات المتحدة، وقال: «لا نستطيع الاعتماد على المحيطات لحمايتنا بعد الآن».
وكانت أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 نقطة تحول محورية فى تاريخ الولايات المتحدة على أكثر من مستوى: فنتيجة الهجوم الإرهابى على نيويورك وواشنطن قررت الحكومة الأمريكية تبنى مبدأى الخوف والحذر. ونتج عن ذلك تغييرات كبيرة مازالت بعضها جارية حتى الآن، ولا يعرف متى سيتم الانتهاء منها.
وكان من أبرز تداعيات هجمات 11 سبتمبر على هيكل الأجهزة الأمنية فى الولايات المتحدة إنشاء وزارة تحت اسم وزارة الأمن الداخلى التى لم يكن لها وجود قبل ذلك.
والهدف من وراء إنشاء الوزارة هو الإشراف على وسائل الدفاع والتجهيزات الأمنية ضد الهجمات الإرهابية والكوارث، ونتج عن ذلك دمج الوزارة لعدة هيئات فيدرالية مثل حرس السواحل، عناصر الخدمة السرية الخاصة، دوريات الحدود، وهيئة الجوازات والجمارك، وهيئة الهجرة والجنسيات، وإدارة أمن المواصلات، ومركز وباء الحيوانات الذى كان يتبع بالماضى وزارة الزراعة.
واعتبارا من بداية تكوينها شملت الوزارة 170 ألف موظف من 22 هيئة فيدرالية مختلفة.
ومن أهم التغيرات فى هيكل مكافحة الإرهاب بالولايات المتحدة أيضا إنشاء منصب مدير الاستخبارات القومية الذى شغله سابقا السفير جون نيجروبونتى.
ويذكر أن العديد من المؤسسات الحكومية تمارس نشاطات جمع المعلومات الاستخبارية فى الوزارات المختلفة مثل وزارات الدفاع والخارجية والطاقة والعدل.
وجاء قرار إنشاء المنصب ضمن تشريع «إصلاح الاستخبارات الأمريكية». وتضمن التشريع تكوين وحدة بالسى آى إيه تحت اسم المركز القومى لمكافحة الإرهاب، حيث يحلل موظفى الوحدة المعلومات الاستخباراتية المعنية بالإرهاب.
كما تشمل مهام المركز وضع التخطيط الإستراتيجى لجهود الحرب ضد الإرهاب. ويعين مدير المركز بقرار من الرئيس، إضافة إلى موافقة مجلس الشيوخ. ويرأس دينيس بلير الاستخبارات القومية منذ 29 يناير الماضى.